بعد عشر سنوات في العهد الجديد ..كيف اصبحت أوضاعنا؟
1 – سبق أن ذكرنا ان الحريّة نزلت علينا نزول الإعصار.. لا ندري أكانت من السماء الاولى ام السابعة…وأدخلت علينا اوجاعا في الرؤوس وغثيانا في النفوس..
حرية بلا تمييز ولاحدود..وفّرت لنا افلاتا مطلقا في التعبير…فنعتنا الرئيس بالطرطور.. واهتممنا باكله وشربه اكثر من اهتمام بسياسته وفعله…وخطب الإمام من أعلى منبر الزيتونة المعمور يحدّثنا بما يرتديه الرئيس الثاني من حفاظات ( couches ) بسبب السنّ والمرض..وجلد الموظف المعتمد امام مكتبه على مرأى الجميع…
نتائج مباشرة لعدم نجاحنا في إرساء النظام الديمقراطي السليم المتمثل في خلق آليات ممارسة الحريات..
2 – من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والمالية…ماذا فعلت الحكومات المتعاقبة ؟ اين ذهبت مبالغ القروض التي وافق عليها البرلمان والتي تفوق آلاف المليارات من الدولارات..؟وكم هي المبالغ التي تم توفيرها التعويضات؟ والمبالغ التي تم تخصيصها لانتدابات لا نعرف عددها وفاعليتها ؟ وهل بإمكان الدوائر المسؤولة نشر كل التفاصيل الخاصة بها ؟
وفي المقابل..ما هي الاوضاع الاقتصادية..كم عدد المشاريع التي ام إنجازها.؟ اين هي ؟ وكم عدد البطالين من حاملي الشهائد ومن غيرهم ؟..
ما هو الوضع في قطاعات حيوية كثيرة كمناجم الفوسفاط..وحقول النفط..في الكامور وغير الكامور ؟ والمؤسسات الصناعية والسياحية والتربوية والثقافية ؟
وما هو الوضع الحقيقي للفلاحة.. والفلاحين الذين اصبحوا يحرقون انتاجهم ويسكبون الحليب في الطرقات..؟
وكيف ستخرج تونس من مخنق تداينها في الفترة القادمة؟
3 – عوض العمل على تدارك سوء الأوضاع. أصبحنا كمثل من ” يهزّ ساق تغرق الأخرى “..فاصابنا شعور غريب من ان المسؤولين على هاته الدولة لا يهمهم الأمر..وليس لهم شعور بالاخطار الجسيمة التي تترصدّنا في كل حين..واهتمامهم الوحيد هو النفوذ والحكم والتنافس على السلطة…
من ذلك افتعال المشاكل والتباري في إدخال البلاد في متاهات نحن في غنى عنها. منها الأزمة الأخيرة بخصوص التحوير الحكومي وإشكالية أداء اليمين ومباشرة الوزراء الجدد…
في هذه القضية ..الأخطبوط الجديد والعجز عن الخروج منه نؤكد أن الرؤساء الثلاثةفي خطأ واضح..
أ – ما كان على رئيس حركة النهضة اقتراح السيد الجملي لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات …كان عليه ان يقترح نفسه او شخصية بارزة في حركة النهضة لتولي منصب رئيس الحكومة..والا لماذا الترشح للانتخابات ؟( مع احترامي للسيد الجملي الذي اقدم على ذلك بشجاعة وبيّن انه يجيد التخاطب اكثر من الكثيرين )..
ب – ثم ألم يكن على رئيس الجمهورية بعد فشل الحكومة على حصول موافقة البرلمان..تعيين رئيس حركة النهضة لتشكيل الحكومة عوض السيد الفخفاخ..وبعد مغادرة هذا الأخير رئاسة الحكومة لماذا تعيين المشيشي..الم يكن من الاوضح تكليف السيد الغنوشي بالمهام؟ وكانت عندها تتضح الأمور.. ويكون رئيس النهضة امام توضيح موقفه بالقبول او الامتناع بما يكشف الحقيقة للجميع. اما ان يتحمل المسؤلية مباشرة وقد أعطته الانتخابات هذا الحق..والواجب..او يمتنع وفي ذلك اكثر من دلالة..
ت – بالنسبة إلى السيد المشيشي. من الواضح انه من لحظة تكليفه بالمهمة اصبح يبحث عن الحزام او الوسادة..لتمرير حكومته ..ومن ذلك طرأ الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية..وجاءت الخلافات التقنية في عدم موافقة الرئيس على التحوير…وأصحاب الشبهة وأداء اليمين والمشاورات حول الصلاحيات وعزل هذا او ذاك..الخ..
من الناحية القانونية البحتة وأمام غموض الأوضاع واختلاف المختصين في القانون الدستوري ونظرا لعدم معرفتي بهذا الشأن ارى انه تجدر امام انسداد افق التصالح والعمل في ظروف مريحة و من باب التمسك بالأخلاق والذوق السليم يكون من الاسلم ان يعيد السيد المشيشي الأمانة لصاحبها ويقدّم بذلك افضل خدمة للوطن ومؤسساته..
وتعود بذلك المبادرة لرئيس الجمهورية الذي يجب أن يتفادى تعيين شخصية لا تمتلك تمرير حكومتها الا بموافقة الأغلبية الخالية وقد نعود بذلك الى نقطة الصفر…
على رئيس الجمهورية ان يمارس الأمور حسب طبيعة الأمور ويكلّف السيد الغنوشي رئيس الحزب الاغلبي بتشكيل الحكومة القادمة هي تتمتع بحزام مريح..
ونخرج بذلك من الأزمة. ..وعندها يجابه كل طرف مسؤولياته كاملة.
وللحديث عما ينتظر تونس من مشاكل. ..عودة