لم أكن أتصور أن الرعب الأسود الذي دوَّنْتُهُ في رواية “كجثة في رواية بوليسة” سيخرج من منطقة التخييل إلى الواقع وأن الحبر الأسود سيتمدد ويسيح على أطراف العالم ..وأن زمن الرواية سيمتد من ثلاثة أشهر إلى أكثر من سنة..
أثناء الكتابة وصلني نعي صديقة روسية من رئيس جمعية النقد الدولي ثم خبر موت صديق إسباني ..لكنني كنت أظن أن الموت بعيد عنا جدا، في قارة أخرى، وأن ما كتبته كان مجرد تخييل ولعب إبداعي و لغوي ..
أواخر شهر مايو، أضع النقطة الأخيرة في الرواية وأبعثها للناشر ومازلت أعتقد أن الموت، ورغم سلطته، ليس لديه القدرة لحد أن يخرج من بين ضفتي كتاب..
حين وضعت الإهداء ” إلى موتى كورونا” كنت أقصد البعيدين..لكنني تسلمت نسخا من رواية “كجثة في رواية بوليسية” شهر سبتمبر 2020 وفي قلبي حزن وحداد على أصدقاء مقربين غيبهم الوباء..
عداد الموت لم يتوقف منذ حينها. يدي على قلبي وهو يقترب أكثر.
كتب لي الشاعر مراد القادري من غرفة الإنعاش: “جثة مرت البارحة أمام غرفتي بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة هنا، فتذكرت روايتك الأخيرة ” كان مراد يصارع من أجل نسمة هواء. نجا الشاعر بصعوبة من وباء كورونا..
الآن أتأمل استهلال الرواية المقتبس من كتاب ” العدوى” للكاتب الإيطالي باولو جيوردانو: “عندما ستقرأون هذه الصفحات، سيكون الوضع قد تغير والأرقام اختلفت. سوف ينتشر الوباء، ويصل إلى جميع المناطق المتحضرة ..” أتساءل:
ماذا لو كان الإبداع نبوءة سوداء؟ ماذا لو كنتُ كتبتُ رواية عن الحياة، هل كان الموت سيتوقف؟