هكذا يتواصل اذا “صراع”الديكة”الدونكيشوتي”السريالي الشعبوي المضحك المبكي في تونس والذي أصبح يبعث على االخوف والشفقة لدى “الغيورين”على”التجربة الديمقراطية”التونسية”الهشة والفقيرة”و”السخرية”لدى”النادمين”على ما اقترفوه بحق أوطانهم بل والشماتة”لدى العرب لاسيما القادة من العربان المتسلطين والدكتاتوريين الذين منحهم بلا شك “صراع””القصور”في تونس المزيد من الحجج لردع شعوبهم وتحذيرهم من مغبة التفكير في “أي ربيع خليجي”على غرار”الربيع الخريفي الشتوي”لديمقراطية مزعومة و”وهمية”ظلت حبرا على ورق حتى الان على الاقل.
وعلى الرغم مما أفرزته”حرب”القصور الثلاثة(قرطاج والقصبة وباردو)والتأويلات الدستورية وتبادل الرئاسل والبيانات والاتهامات على طريقة”عصور”ملوك الطوائف القديمة أحيانا كما اتضح خصوصا في”رسالة الرئيس التونسي قيس سعيد بخط يده “المثيرة للسخرية والاعجاب”في ان واحد لدى الرأي العام داخليا وخارجيا فانه لابد من الاشارة الى ظاهرتين صحيتين أكدتا قطعا أن الشعب التونسي متقدما بأجيال على”قادته”الهواة المتثورجين والراكبين على”الثورة”والتاريخ وأنه قادر على الاستمرار والعيش حتى بدون حكومة على أنقاذ “الدولة العميقة والقوية”التي بناها الزعيم والقائد التاريخي الحبيب بورقيبة رحمه الله….
1)—الاهم في هذا الصراع أنه ظل سلميا وحضاريا في مجمله دون عنف أو اراقة الدماء(لا سمح الله)املين أن يظل كذلك رغم مجازفة البعض باللعب بالنار والدعوة الى نقل الصراع الى الشارع مع قد ينطوي عليه ذلك من مخاطر في ظل الازمات العديدة الاخرى الصحية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة والتي قد تصبح “خارجة عن السيطرة”…
2)—الكل يستنجد ويتحدث باسم الدستور و”ارادة الشعب”(برلمانيا للغنوشي والمشيشي)و(انتخابيا شعبيا وأخرقيا)(السيد نظيف)الرئيس سعيد و كما يراه كل طرف وفقا لاهدافه وأطماعه وأغراضه وما تريده القوى الداخلية والخارجية الداعمة له بالوكالة…وهو أمر جيد مواصلة ادارة الصراع استنادا الى تأويل الدستور أي احترام القانون وهذا بحد ذاته مكسب كبير في التجربة الديمقراطية التونسية…علما وأن هذا الصراع كشف “الطبيعة الهجينة”للنظام البرلماني المعدل في تونس وهو نظام لا يتعايش مع “الفقر والجهل وعقلية التسلط و”حكم السيد والقائد الواحد”المستفحلة تاريخيا وارثيا وللاسف في عقلية الانسان العربي وبالتالي”التونسي “أيضا….
فالقوى المسيرة عن بعد خصوصا(معهد كارتر للديمقراطية)و(فريدمان هاوس)للتجربة الديمقراطية التونسية كانت تدري من البداية أن مثل هذا الصراع “المأزق”بين السلطات الثلاث سيندلع في يوم ما…وكان عليها تقديم الوصفة أيضا للخروج من المأزق…لان كل الانظمة البرلمانية “المشوهة”المشابهة في أزمة دائمة كلبنان والعراق الذي وضع له الامريكيون نظاما برلمانيا رغم أن الولايات المتحدة تنعم بنظام رئاسي…ولكل نظام محاسنه ومساوئه…فالاول يمنع تغول الرئيس لكنه لا يضمن أي استقرار سياسي واجتماعي مطلوب للتنمية والرخاء الاجتماعي كشرط لنمو الديمقراطية فيما يضمن الثاني (الرئاسي المعدل)أكثر استقرارا ويمكن بشكل أفضل من تقييم اداء الحكومة وكبار المسؤولين في دوليب الدولة ومحاسبتهم…لقد تم وضع هذا النظام الهجين لتونس في شكل (بذلة)فضفاضة خاطها الاخرون للشعب التونسي وهي أكبر بكثير من جسده وعضلاته وعليه النمو والنضج لتصبح على مقاسه ويستريح فيها ربما في يوم من الايام أو ربما مزقها أيضا وتخلى عنها اذا واصلت خنقه…
…وأخيرا ما الحل وتونس الى أين…؟؟؟…
—من يطالب بحل البرلمان…فانه يعلم أن ذلك ليس ممكنا حاليا على الاقل…والرئيس سعيد ليس قادرا على فعل ذلك سوى بتوفر شروط”دستورية”معينة حتى لو فكر وأراد ذلك…
—فربما الحل الممكن والذي قد يحصر الاضرار قدر الامكان لتونس والجميع قد يكمن في تخلي حركة النهضة وراشد الغنوشي عن المشيشي وسحب الثقة منه في البرلمان مع حلفائها بعد بلوغ 6 أشهر من حصوله على ثقة البرلمان(الاولى)…للحفاظ على الكرة في ملعبها والحق”الدستوري” في تعيين رئيس حكومة جديد لتشكيل حكومة جديدة مع حلفائه (قلب تونس والكرامة)كحزب الاغلبية النسبية من المقاعد في البرلمان…
—والحل الثاني الممكن أيضا هو أن يبادر المشيشي (وهو الخاسر الرئيسي)في هذا الصراع وفي كل الاحوال(باستثناء مكاسب دعائية اعلامية جانبية للتعريف به بعد أن كان نكرة) ربما بالاستقالة مع حكومته المتصارع عليها لانقاذ ما أمكن من”ماء الوجه”أمام الرأي العام في الداخل والخارج…وهو ما سيعيد الكرة والمبادرة الى الرئيس سعيد الذي سيكلف وفقا للدستور شخصية أخرى لتشكيل حكومة…وهو ما لا تريده النهضة ولا الغنوشي…وتعمل على منعه بأي ثمن…
عدا ذلك فان “اللعبة”التي قد يكون عرف الكثيرون كيفية بدايتها لن يتمكنوا من السيطرة على نتائجها…في وقت يحذر فيه مراقبون من خطر دعوات كل طرف سياسي لأنصاره للنزول إلى الشارع ومن التداعيات السلبية والخطيرة التي قد يتركها ذلك على الحالة التونسية التي وصفت بأنها حالة النجاح الوحيدة ضمن تجارب الربيع العربي…المدمرة…