ونحن نشاهد رئيس مجلس شورى النهضة يهتزّ مرحا من أعلى منصة الخطابة يطالب الحكومة بكل حماس وضع 3000 مليارا للتعويضات .. للجماعة…وقد سبق ان رأيناهم ينتفضون من منصات مماثلة ..يتوعدون بالويل والثبور..والسحل احيانا..
قضية التعويضات هذه..وقد سبق للأستاذ حسين الديماسي ان استقال من حكومة الترويكا من أجلها.. لا بدّ من حسمها اليوم نهائيا وقبل موعد 25 جويلية الذي حدده رئيس شورى النهضة..
فنقول كلمات من حيث المبادئ العامة..الأخلاقية والتاريخية والسياسية والعملية..
ايّة تعويضات ؟ من اين ولمن ولماذا ؟
هل تُركت لتونس أموال لم تُنهب ؟
وقطرات دم لم يقع امتصاصها ؟
وروح لم تُقبض؟
ونفس لم يتم طمس تقواها وإبراز فجورها؟
ثمّ متى ناضل هؤلاء ؟
سُجن اكثرهم بتهمة الانتماء ..وبعضهم من أجل ارتكاب جرائم عنف وارهاب..
وشاهدنا قياديين من الصف الأول يقدمون شواهد الولاء والتقديس للرئيس بن علي وعرض التوافق عليه..لم نشاهد تحركا واحدا او تظاهرات صريحة وجريئة..وقد تم مساعدة بعضهم على السفر بجوازات سرية وتهريب البعض الآخر عن طريق الحدود بمساعدة ومعرفة بعض المسؤولين من السلط التونسية…
هل تمّ إسعاف المناضلين الصادقين بنوع من انواع التعويض؟
من علي بن غذاهم الذي قاد اول ثورة على استبداد البايات وظلمهم للشعب وذبح المواطنين بجباية مفرطة..فتم سجنه وتعذيبه وقتله خنقا في سجن الكراكة بحلق الواد..
الى العربي زروق الذي عارض انتصاب الحماية الفرنسية ونصح محمد الصادق باي بعدم إمضاء معاهدة باردو..وقضى بقية عمره مشردا خارج الوطن وتوفي بالمدينة المنورة..
الى الأخوين علي ومحمد باش حانية.. توفيا في المنفى خارج الوطن.
الى المنوبي الجرجار..والدغباجي وبشير بن سديرة.. شهداء الوطن.
الى الزعيمين عبد العزيز الثعالبي ومحمد علي الحامي..وقد أنهى الاول حياته وحيدا مريضا والثاني منفيا شريدا على قيادة سيارة طاكسي بين جدّة ومكة المكرمة..
وزعماء الحركة الوطنية.. المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة والزعيم الكبير صالح بن يوسف والزعيم المحبوب المنجي سليم والزعيم الصامت الباهي الادغم..الذين قضوا أعمارهم في الكفاح والسجون والمنافي وبعضهم في بناء أسس الدولة الوطنية..
والباي الشهيد محمد المنصف الذي صمد امام عنجهية المستعمر ومات في منفاه ببو بفرنسا..
والزعيم خالد الذكر فرحات حشاد مؤسس الإتحاد العام التونسي للشغل قلعة النضال والصمود..الذي قدّم حياته قربانا لاستقلال الوطن..
والزعيم الهادي شاكر الذي تم اغتياله غدرا من طرف تونسيين بمشاركة المنظمة الإرهابية اليد الحمراء..
واحمد بن صالح..خليفة حشاد الذي بعث من جديد الروح في هياكل المنظمة وتحمل مسؤولية وزر التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكان الوزير الوحيد الذي تمت ازاحته من الاتحاد والحكومة واتهامه باطلا بالخيانة العظمى وسجنه ظلما ومحاكمته ثلاث مرات قبل ان يقضي أكثر من 15 سنة في الغربة..
وعديد المناضلين على المستوى الوطني والجهوي والمحلي ..من الدستوريين القدامى والجدد ..والشيوعيين..والنقابيين.. و ” الفلاقْة ” الذين حملوا السلاح لتحرير تونس..
نعم..كل هؤلاء وغيرهم كثيرون لم اذكرهم جميعا ..وأفراد أسرهم..لم يطالبوا ولم يحصلوا على تعويضات ..بل اعتبروا نضالهم جهادا واجبا وفرضا اخلاقيا وسياسيا من الواجب تأديته دون مقابل مادي ..ينقص بالضرورة من قيمته وشأنه..
كفانا شغبا…كفانا عبثا…كفانا وقاحة..
على تونس توضيح موقفها من هاته القضية ..بسرعة وقبل الاجل المحدد من طرف رئيس شورى النهضة..
وعلى رئيس الحكومة ..
1…ان ينشر للعموم المبالغ التي تم صرفها لهؤلاء وقائمة المستفيدين والحصص المتحصل عليها من كل واحد بالاسم..اذ هي من أموال الشعب التونسي من حقّه معرفة مآلها..
2…ان يتخّذ بسرعة القرار الذي يراه مناسبا..امّا الاستجابة لطلب النهضة حفاظا على مركزه اليوم ..او الرفض الصريح مهما كانت بعض التعهدات السابقة..ونيل الشّرف..شرف الموقف النبيل..
واظن ان الشعب التونسي يطالب في هذه المرحلة وإزاء هاته القضية ذرّة من الحياء…فتونس في حالة استغاثة ..تونس جريحة..طريحة الأرض..تنتظر جرعة كرامة تضمن بها الاستفاقة والحياة بعزّة ..بعد الألم والوهن..
واتوجّه لكل خطيب متعالي بقوله تعالى..” ولا تمش في الأرض مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا..”
كما أتوجه لكل طالب لحقّ غير مشروع بتذكيره بالآية الكريمة..” افمن زٌيّن له سوء عمله فرآه حسنا فانّ الله يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون “
..