قراءة في كتاب “أحمد بن صالح وزمانه” للكاتب سالم المنصوري[1]
منصور مهني
أستاذ جامعي متميز بجمعة تونس المنار
باحث، كاتب، مترجم وإعلامي
عندما عرض عليّ تقديم كتاب “بن صالح وزمانه” لم أتردد في الأمر رغم ضيق الوقت وكثرة الالتزامات، ذلك أنني أعتبر نفسي من زمان بن صالح، على الأقل في قسط كبير منه، من رأي الكاتب في آخر جملة ختم بها نص الكتاب قال فيها إن زمن بن صالح “زمان أجيال من أبناء وطنه على امتداد عقود من تاريخ تونس التي صارعت علقم الآلام وأخصبت إشراقة الأحلام”. لكن أيضا لأنني أعتبر السيد أحمد بن صالح شخصية محورية في تاريخ تونس الحديث سواء اختلفنا معه أو اتفقنا من حيث الخيارات السياسية أو المواقع الإيديولوجية أو غيرها. فهو وطني صادق ونظيف، تميز بكفاءة عالية أفادت تونس وجلبت له المحن، لكن ذلك هو شأن السياسة يندفع فيها وإليها من يغريه أمرها فيجني منها ما تفضي إليه حركة التاريخ التي ينفذها الأشخاص بعيوبهم ومحاسنهم، بتضامنهم وتخاصمهم، فيكون لكل فيها حظه الذي كتب له أو الذي كتبه لنفسه، بإرادته أو بدونها.
في البداية اسمحوا لي ببعض الإشارات التي تهم علاقتي الشخصية بالسيد أحمد بن صالح الذي لم ألتق به سوى مرة واحدة (في صيف 1988) عند رجوعه إلى تونس في بداية حكم زين العابدين بن علي، وكان ذلك في سهرة بمدينة لمطة. أكثرت عليه الأسئلة وقتها، حيث كنت أتعاون مع صحيفة ناطقة بالفرنسية، وكان ذلك بصراحة قريبة من الاستفزاز فذكرته بأيام كان ينالنا فيها كطلبة عنفا مفرطا من المنظومة التي كان فيها حاكما بأمره، فعلّق في النهاية والابتسامة المازحة على محياه بأنني مشاكس جدا، وكتبت عن تلك السهرة قناعتي أن من خبر السلطة في أوجها وفي أعلى مراتبها، لا يمكنه أن يشفى من دائها حتى ولو ضاق منها الأمرين في حقبة ما من مسيرته.
لكنني، قبل ذلك بأكثر من عشرين سنة، حضرت اجتماعا للسيد أحمد بن صالح في مسقط رأسي، صيادة، وهو في تألقه وعز سلطانه، فخطب وأقنع، على الأقل ظاهريا، وجلب الإعجاب بخطابته وفصاحته وأسلوبه المرح الذي جعله ينهي اجتماعه بجملة بقينا نرددها كثيرا في بلدتي حيث قال: “صيادة بلاد الحوت والحوت عليها”.
إلا أن انبهاري بالرجل في تلك السن المبكرة سرعان ما انقلب إلى اختلاف سياسي معه وإلى معارضة للنظام بأسره عندما دخلت الجامعة التونسية في سن السابعة عشر، سنة 1967- 1968، وتم استقطابي بسرعة من الجناح الطلابي لحركة “آفاق” ( Le Mouvement Perspectives)، وتلك حكاية طويلة قد تستدعي كتابا آخر، في مجال آخر؛ لكن ما يعنينا في الأمر هو ذاك التحرك الذي قمنا به غداة استقالة أحمد المستيري في جانفي 1968، أي شهرين تقريبا قبل تحركات مارس 1968، لنبرز للرأي العام أنه لا يجب الاغترار بموقف المستيري الذي أخذ موقف الدفاع عن طبقته الاجتماعية لما وصلتها عملية التعاضد، وأن الخلاف داخلي للسلطة، في خصومة طبقية لم يقع الاستعداد لها عند انطلاق تجربة التعاضد، فوصلت بالجماعة الحاكمة إلى مأزق تناقضاتها الداخلية. ويؤكد الكتاب ذلك في صفحة 48 حيث نقرأ، نقلا لبيان مدير مجلة الفكر (Esprit)، Jean Marie Domenach، الصادر في جريدة لوموند: “وعندما أقدم بن صالح على مساس الأملاك الكبرى في عدة جهات ثارت ثارة الأثرياء وأتباعهم من الوصوليين فاغتنموا مرض بورقيبة وعملوا على الإطاحة به مستفيدين بمساعدة بعض الأوساط الخارجية المتطوعة دوما لحماية الوضع القائم لضمان اقتسام المصالح والغنام”.
ولمّا انقطعت وقتيا عن الدراسات الجامعية في نهاية سنة 1968، دون أن أقطع صلتي بالجامعة، وذهبت للتدريس في مدينة مجاز الباب، اختلطت بمختلف شرائح المجتمع هناك ورأيت أبشع مظاهر التسيب وإهدار الطاقات والثروات في حركة نقمة على التعاضد من طرف الطبقات الفقيرة والمتواضعة، مقابل البذخ والتسيب والتصرف غير المسؤول من لدن أثرياء الفلاحين والمسؤولين الإداريين. هنالك اشتدت معارضتي للنظام في علاقة خاصة بموضوع التعاضد[2].
لأجل ذلك، على الأقل في ما يخصني مع جمع من الأصدقاء، وجدتني أتعاطف مع بن صالح في محنته من باب أن المسؤولية مشتركة بين جماعة النظام الحاكم، دون التقليل من مسؤوليته السياسية في تردي الأوضاع من جراء تعنّته في تطبيق تجربة انطلقت من العقب عوض الرأس، حيث بدأت بالتعسف على صغار الفلاحين عوض أن تبدأ بكبارهم الذين تصدوا له حين امتلكهم الشعور بأن الأمر سيمسهم وسيمس ممتلكاتهم.
أما بعد أحداث 2011 كم كنت أود لو أن السيد أحمد بن صالح بقي فوق التجاذبات الحزبية وأخذ لنفسه موقع الملاحظ الناصح والمحلل المحنك، فانتقدت بعض مواقفه التي بدت لي فيها بعض المجاملات لبعض الرموز والحركات السياسية، ثم استحسنت بعد ذلك أن أخذ السيد أحمد بن صالح مسافة من الساحة السياسية في تونس، كأنه أدرك بعض العبث في سير الأمور.
أردت أن أبدأ بهذه المعطيات المتعلقة بشخصي المتواضع لأن كل قراءة يفعل فيها الذاتي فعله، إن بوعي أو بغيره، فليكن المستمع أو القارئ على بينة من الأمر قبل الخوض والغوص في المسائل الهامة التي جاءت في الكتاب الذي نحتفي بإصداره اليوم.
لم أتشرف قبل بمعرفة صاحب الكتاب، الأستاذ سالم المنصوري، واقتصر التواصل بيننا على بعض الرسائل الإلكترونية عبر الفايسبوك ولم أتمكن ولو من حضور بعض المناسبات التي دعاني إليها وهي مخصصة لتقديم الكتاب وكان ذلك لكثرة التزاماتي وأرجو أن تكفّر عني هذه المناسبة ما اضطررت إليه من عدم استجابتي لكرم دعواته ولطفها. ولعلّني في لا وعيي كنت أحبذ ذلك حتى لا أتأثر بالقراءات الأخرى قبل التقديم المكلف به.
لكنني لن أغفل في بداية هذا التقديم عن شكر المؤلف على القيمة التي أكسبها كتابه من حيث التوثيق الثمين والربط الذكي بين الأحداث والتصرفات والأفكار، الشيء الذي يجعلني أقر دون مجاملة أن كتاب “أحمد بن صالح وزمانه” سيبقى مرجعا قيما وثمينا سواء للمواطن التونسي العادي أو للمؤرخ السياسي أو للباحث الأجنبي، ولربّما أيضا للاستثمار في العملية التعليمية الثانوية والجامعية.
أظن أن الكتاب يرتقي إلى درجة من البحث والتمحيص بالدرجة التي تجعله يستجيب، في نفس الوقت، لانتظار العموم وفضولهم من جهة، ولضوابط التعمق الفكري والحجاج العقلاني. لكن هذا لم يمنع الكاتب من التسريب الذكي لآرائه ولمواقفه الشخصية دون المس من مشاعر غيره ومن قناعاته. لذلك كان انحياز السيد سالم المنصوري لقضية أحمد بن صالح ولشخصيته واضحا من البداية ومن خلال مختلف أجزاء الكتاب ؛ ولعل ما نقرأ بين صفحتي 281-282 يختزل الموضوع وهدفه: “ولعلنا نساهم في إنارة الرأي العام حول مدى صحة ما جاء في هذه الإشاعات التي تساهم في حال ثبوتها في الحط من قيمة مجهودات بن صالح ومن ورائه جيل كامل من رواد النقابيين”. جاء التعليق على مغالطة أتاها الباهي الأدغم في خضم حملة محاكمة بن صالح سنة 1970. كيف لا يكون الأمر كذلك والكاتب من المبادرين بتكوين هيئة الدفاع عن أحمد بن صالح عند محاكمته، انطلاقا من بيان مدير مجلة الفكر في جريدة لوموند (صً 49)؛ إلا أنه رغم ذلك سعى وتوفق في جل الأوقات إلى عدم التجريح عند النقد وتفادى التقليل من احترام رموز الوطن حتى من يعتبره ممن أخطأ في شأن أو في آخر. وهذه نقطة أخلاقية هامة جدا، خاصة في الظرف الراهن الذي تمر به بلادنا والذي أصبحنا نرى فيه السياسة تلبس جلباب الشتم وهتك الأعراض ونلاحظ فيه النضال يقترن بمفهوم تصفية الآخر المختلف، بأي طريقة كانت، والمؤسف أن يتم ذلك باسم الحرية والديمقراطية.
يلجأ سالم المنصوري إلى التلميح الذكي والربط المحكم بين الأقوال والأحداث والأشخاص بالطريقة التي يمكن استثمارها في الاستدلال على براءة “منوّبه” في الكتاب كمن ينسج حبكة دفاعية يريد لها ألا تبدو كذلك ليقوى فعلها ويثبت تأثيرها على القارئ. فيبدو الكتاب بذلك وكأنه امتحان للمقدرة القرائية للمتلقي الذي يمكنه أن ينساق عاطفيا مع مزاج الكاتب أو أن يقتنع بأدلته فيصطف لجانبه ويتبنى آراءه، أو يختلف معه فيحاجه في الأمر ويجادله.
أشير إلى هذا الجانب من الكتاب لأنني تعلمت منه الكثير بما أمكنني استحضاره للمناسبة أو بما حصل لي من معلومات كنت أجهلها أو غير مدرك لبعض أبعادها، فجعلني ذلك أرغب في إعادة قراءتي لمختلف مراحل حياتي بصلة وثيقة بتاريخ وطني، حيث لا وجود للكيان الذاتي دون تأصل في الكيان الوطني بالطريقة التي يدخل عبرها الفرد في عملية الأخذ والعطاء مع الغير ومع العالم الخارجي بصفة عامة. ولكنه في ذات الآن جعلني أجد بعض ما يدعم مواقفي الشبابية، على تواضعها وضرورة تنسيبها.
فالشكر الموصول واجب إذن تجاه السيد سالم المنصوري، شكر دون مجاملة، بل شكر على قيمة ثابتة حملها كتابه رغم ما قد يحوم حوله من نقد مشروع، ومحبذ أيضا، لصالح رحمة الاختلاف.
أما عن تفاصيل الكتاب فلا مجال هنا إلا لمدخل تأليفي وتقديمي لا يفي المؤلّف حقه بالضرورة لكنه قد يدفع لقراءته وللاطلاع على فصول منه أو عليه كله حسب طباع القراء وعاداتهم في ذات المجال أو حسب النقاط التي يريدون التركيز عليها لهدف أو لآخر.
جاء الكتاب في أقسام أربعة كادت تكون متساوية الحجم لولا أن القسم الرابع استولى على قسط من القسم الأول وأظنه استيلاء ذا معنى كما سنرى لاحقا. ومن جهة أخرى في علاقة بالأولى، يمكن أن نقول بأن الكتاب مبوب تبويبا زمنيا، خاصة أن الزمن مذكور في العنوان وهو في صلة وثيقة بالتاريخ، ولكنه زمن أعاد الكاتب ترتيبه في علاقة بموضوعه وخدمة لأهدافه.
عنون الكاتب أقسامه الأربعة كما يلي: زمن المحنة؛ الزمن النقابي؛ زمن الاستقلال؛ زمن الجمهورية. وتحيلنا هذه العناوين إلى أربعة مراحل من تاريخ تونس الحديث هي: الاستعمار؛ النضال التحرري؛ الاستقلال؛ الجمهورية. وهي مراحل قد تصح لتبويب حياة أحمد بن صالح إن شئنا فتكون كذلك: ما قبل النضال؛ النضال النقابي؛ النضال في الحركة الوطنية، العمل في منظومة الحكم. غير أن هذه المقابلة بين التقسيمين لا تستقيم إن نحن توقفنا عند فاتحة القسم الأول، في بداية الكتاب (وهو بدون مقدمة تذكر، على الأقل بالقياس على حجم الكتاب)، إذ نجده يبدأ بمدخل عنوانه الفرعي هو ” لقاء بورقيبة وبن صالح الأخير”، كأن هذا العنوان الفرعي هو اختزال آخر، بعد العنوان العام، للكتاب ولمغامرة أحمد بن صالح التي يمكن صياغتها في عبارة “بن صالح وبورقيبة”. حيث أنه، بطريقة أو بأخرى، من طرف أو من آخر، يكاد الكتاب يعيدنا دوما بطريقة مباشرة أو خفية لهذه الثنائية المحددة.
لذلك خصص سالم المنصوري القسم الأول لمحنة بن صالح الكبرى، ألا وهي المحاكمة وأطوارها وما حف حولها. أما الأقسام الثلاثة الأخرى فتصبح شرحا واستدلالا للعناصر ذات العلاقة بتلك المحنة فيصبح الكتاب متأرجحا بين جنس الترجمة وجنس الكتاب التاريخي وجنس الخطاب الحجاج دفاعا عن قضية ما.
ومن طريف الأمور، الصبغة البيداغوجية التي يعتمدها الكاتب في تلخيص كل قسم بفقرة أو فقرات تكون هي أمهات القسم كله ويجعلها تسبح في استشهاد مطول أو في سرد يظهر من الموضوعية ما يجلب لموضوعه المساندة الضمنية.
وخصص القسم الثاني للتجربة النقابية لبن صالح التي دفعته إلى المركز الأول في سن مبكرة ولعل ذلك مما جعل بعض الرموز السياسية تحترز منه، وأولهم بورقيبة حسب الكاتب. في حين تبقى شهادة حشاد بمثابة الوسام الأكبر والأثمن، حشاد الذي قال فيه بن صالح بعد وفاته داعيا للسير على خطاه: “لم يكن فرحات رجل طبقة أو رجل جماعة والذين يسيرون في طريقه ليسوا رجال طبقة أو جماعات.” (ص 216). والطريف هو أن الكاتب ينهي هذا القسم الثاني بعنوان فرعي أسماه “نهاية الشوط الأول”، مقارنا العملية السياسية، في شكليها النقابي والكفاحي التحرري، باللعبة مع كل ما تحمل الكلمة من معاني.
هي بالفعل لعبة خطيرة ومغامرة يحركها الطموح والرغبة في إثبات الذات، فيها صراع وحماس قد ينتهيان لحادث ما. لأكنها لعبة قذرة أحيانا عندما يجد السياسي نفسه في وضع يضطر أو يقدم على تصرفات وأقوال ينقلب بها كليا على قناعات أو مواقف أو صداقات سابقة. هذا ما ألح الكاتب على استنكاره، خاصة في القسم الأول، وهو ما يتعلق بالدور الذي لعبه الباهي الأدغم ومحمد المصمودي في عملية الإطاحة ببن صالح، وإن حاول التخفيف أحيانا بالتركيز على دور بورقيبة المباشر وغير المباشر. إلا أن القسم الثالث، وهو مخصص لزمن الاستقلال، يبرز بعض الأحداث التي سيتبين لاحقا أنها ستلعب دورا هاما في مختلف مراحل محاكمة بن صالح، من مرحلة التصميم لها إلى إصدار الحكم فيها وتطبيقه. عندها ندرك أن البروز السريع لبن صالح وتألقه وشجاعته في بعض المواقف، كل ذلك جعل منه شخصية تجلب الاحترام والتوجس معا وتقضي بالاستفادة منه وبالتحري في نفس الوقت وهو ما يرى الكاتب أن بورقيبة اعتمده مع الصديق الخصم منذ الاستقلال الداخلي إلى حدود مرضه في نهاية الستينيات، أي مباشرة بعد العشرية الأولى من زمن الجمهورية وهو موضوع القسم الربع.
دون الخوض العميق في هذه المرحلة التي قد تجرنا إلى جدل يتجاوز قضية بن صالح نفسه رغم أنها موضوع الكتاب، ما يمكن أن يتوقف عنده المرء لاستخلاص العبرة من التاريخ، هو السؤال الآتي: هل كان بورقيبة في نهاية الستينيات على درجة من المرض تجعل ابتعاده عن الحكم فرصة لتونس ربما كانت توفر لها أسباب الانتقال الديمقراطي، وهو ما ذهب إليه بعض المحللين وقتها وفي أوقات لاحقة؟ أم هل كان بورقيبة في درجة من الدهاء السياسي دفعته إلى افتعال خطورة المرض (لأن المرض حاصل لا محالة) وربطه أحيانا باختلال في القدرات العقلية، ليتمكن، عند كل خطأ، من استعطاف شعبه المتعلق به دون شرط، ليغفر له ما أخطأ وليقسو أكثر على من يعتقد أنه استغل مرض الرئيس وخان أمانته وثقته، فيكون بذلك أخطا في حق الشعب والوطن والرئيس لتحقيق أهداف وطموحات شخصية؟
ومن هذا المنظار، يبدو لي أن كتاب “أحمد بن صالح وزمانه” أحسن الربط بين مسألة تحرير تونس وبناء دولتها الحديثة بقضية بن صالح حتى أن جوانب من حياة الرجل مر عليها الكاتب سريعا ليبين أن همه ليس الرجل بن صالح لكن المعاني التي تحملها محنته عن تاريخ تونس والإشارات التي يمكن أن تستفيد منها لبناء مستقبلها.
غير أنني شخصيا كنت أود لو أن السيد سالم المنصوري خصص لبن صالح منذ 2011 مجالا أوسع، لعل هذا يأتينا لاحقا في مشروع جديد… فيكون للحديث بقية.
[1] وقع تقديم هذه المداخلة في لقاء حول كتاب سالم المنصوري بقصر بلدية المكنين يوم 21 أفريل 2019 وصدرت في العدد 23 من مجلة تيتيس، مجلة ثقافة المتوسط وفنونه (السداسي الأول 2020)
[2] Cf. Wikipedia : « La politique de Ben Salah entraîne un développement de son administration qui absorbe le secrétariat d’État aux finances dès 1961, celui de l’éducation nationale en 1967 et empiète considérablement sur les compétences de celui de l’agriculture.
C’est dans ce dernier domaine que Ben Salah apporte les plus grands changements, en particulier par la décision prise en 1962 de créer des coopératives de production, rassemblant autour des terres des colons un certain nombre de paysans choisis comme coopérateurs.
Toutefois, la mécanisation intensive de l’ensemble ainsi constitué aggrave la situation des paysans pauvres ou sans terres, tandis que la lourde gestion bureaucratique des coopératives provoque un mécontentement chez les coopérateurs eux-mêmes (retards dans le paiement des salaires). Le mécontentement grandit (affaire de M’saken en décembre 1964) et s’étend à d’autres couches de la population à mesure que le projet se développe.
En 1968, ce dernier intègre l’ensemble du secteur commercial et, à partir de janvier 1969 (marqué par l’affaire d’Ouerdanine au cours de laquelle de violents affrontements entre les forces de l’ordre et les manifestants se soldent par une dizaine de morts parmi ces derniers), doit s’appliquer à l’ensemble de l’agriculture tunisienne. Les commerçants et les gros et moyens agriculteurs ainsi menacés unissent leurs forces contre Ben Salah qui a perdu l’appui des paysans pauvres. »