أتخذ رئيس الدولة مساء أمس ضمن منظومة الإجراءات والقرارات التي أعلن عنها مؤخرا مبادرة ترمي إلى إقامة الصلح مع من ارتكب تجاوزات مالية وخروقات في جانب الحق العام وهو ما يعرف قانونا بالصلح الجزائي وهو تقنية يتم اعتمادها من أجل الالتزام من قبل المرتكب بإصلاح الخطأ مقابل التعهد بانجاز مشاريع يتم تحديدها لفائدة الصالح العام ضمن منظومة صلح يتم الاتفاق عليها بين المتنازعين أي بين الدولة وبين مرتكب الضرر عوضا عن قضاء مدة العقوبة في السجن أو الفرار أو التهرب إلى غير ذلك.
هي طريقة إن رتب إليها الترتيب الاجرائي والقانوني مناسبة لفض هذه النزاعات العالقة منذ أكثر من عشر سنوات و بامكانها إن تعطي ولو نسبيا دفعا لتحقيق التنمية في الجهات الداخلية المحرومة والتي تعاني الفقر والتهميش والبطالة و انتشار المشاكل المتعددة التي تلقي بضلالها على الوطن باكمله.
المناطق الداخلية و التنمية فيها هي لب المشكلة في تونس :
ان المسألة المركزية في تونس وظهور هذا التراكم هو في أساسه اقتصادي وتنموي وقد سعت النهضة من خلال تغلغلها في المناطق المحرومة إلى الاستفادة منه عبر رفع شعارات شعبوية على غرار التضامن والتازر و التكاتف و التكافل من أجل استقطاب هذا الخزان البشري وايهامه بالقدرة على أدراجه ضمن الدورة الاقتصادية بمواطن شغل محترمة وبمشاريع اقتصادية قادرة على استيعابه لكن ؟
كل هذا لم يحصل لأن العملية برمتها كانت مجرد شعارات زائفة ووعود كاذبة وتلاعب بمشاعر المواطنين وبالتالي لم يتحقق أي شئ من هذا بل ازداد الوضع سوءا وخطورة من خلال :
تنامي عدد العاطلين عن العمل والذي وصل إلى أكثر من مليون.
*ازدياد مستويات المشاكل الاجتماعية المتعددة وبروز ظواهر خطيرة كالارهاب والتهريب والغنف والاجرام…..
*تعطل للمرافق الحيوية المدرة للخيرات.
*استشراء الفقر بشكل غير مسبوق والذي وصلت نسبته إلى أكثر من 30٪
كل هذه العناصر المتراكمة والمتفاقمة زادتها جائحة كورونا تفاقما وخطورة وتعمق أزمات خانقة تتطلب بدائل وحلولا عملية وعملية مع الجهات الفاعلة في اطار من خارطة طريق يتم رسمها بين عناصر ثلاثة :
*السياسي وهو أساسي من خلال مؤسسة رئاسة الجمهورية.
*المالي عبر الدور المركزي لاتحاد الصناعة والتجارة.
*النقابي من خلال ما ينبغي أن يقوم به الاتحاد العام التونسي للشغل غبر منهج واع بعيدا عن الممارسات التي يعتمدها حاليا.
يتحدث البعض من الفاشلين عن الحوار ومنهم مصطفى بن جعفر إلى ضرورة فتح حوارات لكن هنا لا بد من طرح السؤال التالي :
ما هي اليات هذا الحوار وكيف ؟
لا يمكن أن يتم الحوار مع من فشل طيلة عشر سنوات وبالتالي لا فائدة من ذلك لأن وكما يقول المثل التونسي.
لو كان فالح راهو من البارح.
وبالتالي فإن هذه الدعوات المطلقة من الصالونات الوثيرة لا تعطي أي نتيجة وبذلك وهذا واضح إن الجهات الفاعلة هي التي بيدها مفتاح القرار والاختيار للخروح من هذا النفق المظلم الذي قبعنا فيه.