علينا بالاقرار بأن منظومة 2011 تميزت بحصول فشل ذريع على مستوى التاسيس لواقع جيد للبلاد التونسية يشمل كل المجالات الحيوية و الخيارات الكبرى التي ينبغي اتباعها خلال المراحل المستقبلية من حيث توفير الرقي الاجتماعي و الرفاه البشري المطلوب وتعميم التنمية على كل المناطق وبدون تمييز اواقصاء لأي جهة من الجهات أو كفاءة من الكفاءات لكن وللأسف تميزت العشرية التي مضت بارتباك على مستوى كيفية الحكم في تونس ثم من يحكم؟ وهذه اشكالية كبرى وقعت فيها تونس منذ البدايات على اعتبار إن الجماعة التي تدين إلى الإسلام السياسي هي التي قدمت نفسها بديلا أساسيا للحكم في البلاد مع الاستناد إلى اقلية موالية إليها على غرار المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان يتزعمه المنصف المرزوقي ثم حزب مصطفى بن جعفر ،وقد تم تقاسم الكعكة السياسية كما يقال أي تولي المرزوقي رئاسة الجمهورية بأصوات ضعيفة ثم تقدم حمادي الجبالي ليكون رئيسا للحكومة وتركز مصطفى بن جعفر على سدة مجلس نواب الشعب.
فترة حكم وازمات متتالية.
لم تخلو هذه الفترة من تتالي للازمات وحصول مصائب كبرى سياسية و إجتماعية واقتصادية وثقافية عصفت بالبلاد واتت على كل مفاصلها المركزية من حيث تنامي الارهاب وتعدد الاغتيالات السياسية و استهداف المؤسستين الأمنية والعسكرية باعمال إرهابية غير مسبوقة وبالتالي فإن تلك الفترة كانت فترة اتون وقعت فيه البلاد ولا أحد كان بمقدوره إن يحدد أي مصير سيكون لتونس إلا المجهول ؟
وتتالت أزمات العشرية بشكل مريع ومخيف تجسمت في انهيار الإقتصاد وتهري القيم الاجتماعية و الاجتماعية وتسارع الصراعات السياسية داخل مجلس نواب الشعب على مستويات متعددة ،المادية منها و المعنوية وأصبحت تونس محل مراقبة دائمة من قبل الجهات الدولية الفاعلة مخافة الانزلاق إلى ممرات لا يمكن الخروج منها.
25جويلية والقرارات التي لا بد منها :
بعيدا عن منطق الحسابات الضيقة من هذا الجانب أو ذاك كان لا بد من التحرك الفاعل قصد اتخاذ قرارات جريئة من أجل محاولة إنقاذ البلاد مما تردت فيه من انهيار شامل وبهذا فقد أتخذ الرئيس قيس سعيد حزمة من الإجراءات والقرارات الحازمة و الصارمة وهي معروفة لدى الرأي العام مع التركيز على نقطة جوهرية متمثلة في مقاومة الفاسدين والضرب على أيدي من أساء إلى البلاد وهو أمر محمود من شانه إن يؤدي بالبلاد إلى مسلك الامن والاطمئنان.
ان المؤشرات الأولى لهذا الفعل تبدو جيدة وواعدة لكن على الجميع الانتباه من خطورة الانتكاسة إن حصلت…. فالجماعة التي كانت تحكم هي الان في وضع المتربص والمتصيد لأول فرصة للانقضاض ثانية على أجهزة الحكم بأساليب أكثر شراسة وبشاعة مما سبق.
ومن هنا لا بد من الانتباه الدائم لما يحاك من مؤامرات ودسائس ضد الوطن وهذا لا يمكن أن يتم إلا بالاسراع بتركيز المؤسسات السياسية الأولى متمثلة في تعيين رئيس للحكومة يكون قادرا على إخراج البلاد إلى بر الامان ثم في ما بعد التعهد بالبقية أي التركيز على الدستور وما يمكن أن يرافقه من فعل.
لقد إنتهت منظومة الحكم السابقة لكن الاهم هو النظر إلى المرحلة المقبلة بكثير من التركيز والانتباه والحيطة من ما شانه إن يسئ إلى المسار الجديد.