عدت منذ حين من ندوة نظمها كرسي الايسيسكو بالتعاون مع معهد تونس للفلسفة عنوانها قوانين العيش معا، سعدت بلقاء أساتذتي، سي محمد محجوب Mohamed Abu Hashem Mahjoubو سي فتحي التريكي Fathi Triki و مدام رشيدة التريكي، و عديد الأساتذة من العيار الثقيل في الجامعة التونسية ، سي محمد علي الحلواني ، و عديد الصديقات و الأصدقاء، مها و زهرة و نوفل و مدام زينت الشارني Zeineb Cherni.. الموضوع كان متميزا و في علاقة مباشرة بمعيشنا اليومي، مسألة العيش المشترك و كيفية إرساء قواعد إيتيقية للعيش معا، كانت المداخلات عميقة و متنوعة ، استحضرت الجانب الاجتماعي من خلال مداخلة الأستاذ عبد الستار السحباني المختص في علم الاجتماع الذي وضّح في مداخلته إشكالية مشاريع المجتمع التي اقترحت على المواطن التونسي في العشرية الأخيرة و التي لم تنجح لا في التوافق فيما بينها و لا في الوصول إلى وعي المواطن الناخب الذي عدد أصنافه بشكل طريف .. و الجانب النفسي من خلال مداخلة الأستاذ نورالدين كريديس أستاذ علم النفس في الجامعة التونسية، الذي تناول موضوع العيش المشترك من زاوية المقاربة السيستمية لينتهي إلى ضرورة المراهنة على المدرسة و على الطفولة في بناء مجتمع يحقق مباديء التعايش السلمي في نطاق احترام المبادئ الايتيقية للعيش المشترك ، بل استطاع الأستاذ كريديس تقيم نموذج مفصّل لهذه التربية المواطنية المستقبلية … و طبعا طرحت أغلب المشاكل الفلسفية المتعلقة بإشكالية العيش معا، فقدم الأستاذ نوفل الحنفي Naoufel Hanafi، أستاذ الفلسفة السياسية بالجامعة التونسية مداخلة حول مفهموم التسامح متناولا إياه من جهة المفارقة التي يطرحها مستحضرا كل من المقاربة التليولوجية التي يعبر عنها كارل بوبر و المقاربة الدينطولوجية التي طورها الفيلسوف الأمريكي جون رولس.. و تواصلت المداخلات بعد فترة من النقاش الثري و القيّم ، ليقدم الأستاذ منصور مهني مداخلة حول الإنسانوية الجديدة في مفترق فكر المحادثة ، و التي أثارت بدورها اهتمام المتفاعلين معها أثناء النقاش ، لتعطى الكلمة للضيف Gérard Estor , الذي قارب مسألة العيش معا من زاوية جمالية بحتة مستندا إلى أمثلة من تاريخ المسرح الإغريقي و الغربي عامة .. و كانت المداخلة الختامية من نصيب الأستاذ محمد علي الحلواني M’hamed Ali Halouaniو كان عنوانها ، أية كونية للعيش معا ؟ فكانت لهذه المداخلة الفضل في مزيد تدقيق كيفية طرح المسألة ، مفصحة على مشكل الكونية الذي تواجهه إيتقا العيش معا ، للتحذير من السقوط في كونية كاذبة.… و تواصل النقاش مع الأساتذة المحاضرين بعد الجلسة الختامية التي أعلن فيها الأستاذ فتحي التريكي الذي يعود إليه الفضل في تنظيم هذا اللقاء بحرفيته المعهودة، أن هذه الندوات مازالت متواصلة ، بل طرح على الحضور إمكانية تدقيق المحاور التي ستكون موضوع اللقاءات القادمة..
لذلك ألف شكر لكل من كان سببا في هذا اللقاء المنعش للفكر، شكرا لأساتذتنا الأجلاء، شكرا للصديقات و الأصدقاء الذين التقيت بهم اليوم، شكرا لتونس أرض الفكر و الثقافة و السعي الدؤوب نحو الرقي و الجمال.،
هدى الكافي