عبدالرحمان ابن خلـدون ، مؤسّـس علم الإجتماع الحديث وأحد علماء التاريخ والإقتصاد الكبار ، بقدر ما اشتهر في كل أصقاع العالم ومازال ، لم يجد الحظوة التي يستحق في بلاده أثناء حياته وبعد مماته .
في تونس أين ولد وتعلّم في الزيتزنة، تيتّم صغيرا حين ذهب الطاعون بأبيه وأمه فتغرّب في مسقط رأسه .
غادر في العـشرين من عمره إلى بسكرة وغرنـاطة وبـجاية وفـاس فنـال مـكانة عـلمية معتبـرة .ولما عاد إلى تونس تعرّض للتهميش مما جعله ، مرة أخرى يطلب الرحيل هروبا من أجواء النفاق والدسائس ، وفي مصر أكرمه السلطان وولي فيها قضاء المالكية وتوفي هناك أين دفن بالقاهرة .
وإن تم، حاضرا، تخليد ذكراه بإطلاق إسمه على دار ثقافة وسط العاصمة وعلى عدد من المؤسسات التربوية والثقافية، فإن تركيز ثمثال له في أكبر شوارع العاصمة مثّل حدثا يحسب لصاحبه فكان بمثابة التكفير عن ذنب قديم والاعتراف له بالتقدير من جديد، غير أن هذا الإنجاز الفني لم يسلم، هو الآخر، من حين لآخر من مظاهرالعبث والإساءة .
فبعد ما أصاب المقولة المرسومة بالتمثال من تحريف وتشويه وما عرّض اللوحة الرخامية، كل مسيرة، إلى الخدش والتهشيم، أليس من الصدف أن تعمد قناة تلفزية إلى إطلاق إسمه عنوانا لسلسلة هزيلة في إساءة هزلية إلى فكر ومكانة ” ابن خلدون “؟
رحم الله المذيع بوراوي بن عبد العزيز، كم حاول في حلقات برنامجه الشهير “سمّار الليالي ” إدراج جوائز قيمة لمن يوفق في ارتجال العنوان الطويل لمقدمة ابن خلدون :
” كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر “
ويبقي ، إلى يومنا، المجال مفتوحا للمحاولة والجواب …