اذا اردنا ان نتحدث عن السياسة من منظور النتيجة من حيث النجاح والتميز والفشل والاخفاق لا ارى ان احدا ممن مروا وعرفتهم الساحة السياسية في تونس ومنذ 2011 بالامكان ادراجه ضمن السياسيين الفاعلين الذين حقيقة اسهموا فعليا في الارتقاء بالوطن واسسوا فكرا خلاقا بامكانه ان يساعد على المساعدة في تجاوز الازمات وتخطي العقبات المعترضة وهي عديدة وبالخصوص بعد هذا الانتقال السياسي الذي عرفته تونس في بدايات 2011 وكان بالامكان الاستفادة منه ايجابيا لولا ؟
كلهم هواة :
من عرفته الساحة السياسية بعد سنة 2011 لا يمكن ان يرتقي الى فعل الهواية والحاجة الى التدرب والتكوين على ارهاصات هذا المجال المعقد والمتشعب والواسع والذي يتطلب حقيقة وفي البدء تكوينا معرفيا عميقا لادارة الشان العام وتقديم التصورات المناسبة والضرورية في عصر يعيش على وقع المتغيرات المتعددة في الاقتصاد والاجتماع والتكنولوجيا والثقافة التي تقوم على الذكاء ولا شئ غيره .
نتحدث عن ساسة اليوم وكاننا نتحدث عن رجالات قلبت المعطيات وانتقلت بالبلاد من الحال الردئ الى الوضع الوردي والجميل وحولت البلاد الى جنات عدن يستطاب فيها العيش وتتحقق فيها الرفاهية والسعادة التي تم الحلم بها من قبل عموم التونسيين الذين ظنوا ان الحال سيكون غير الحال اي الانتقال الى الايجابي وان الاوضاع المعيشية والعلمية ستكون على احسن وضع من حيث انتشار المؤسسات التشغيلية القادرة على استيعال الافواج المتزايدة من طالبي الشغل اضافة الى بناء المخابر العلمية والمستشفيات التي يجد فيها التونسي مكانا للعلاج .
وعود زائفة واكاذيب متعددة :
تابع الشعب التونسي الخطب الرنانة والوعود الخلابة لمحترفي السياسة اثناء الحملات الانتخابية وكانت كلها تصب في منحى ان البلاد التونسية ستقطع مع الفقر والجهل والبطالة والتهميش وانها ستدخل مصاف الدول المتقدمة بكثير من الثراء المادي والمعرفي والتحكم في التكنولوجيات الحديثة وانتشار المصانع في كل مكان من البلاد وتركيز البنية الاساسية في كل جهة ليسهل تنقل التونسي من فضاء الى اخر عبر طرقات سيارة نموذجية ونقل حديث ووسائل اتصال وتواصل ميسر لقضاء الحاجات .
نفس الوجوه التي مجها التونسي :
لا يمكن النجاح بوجوه فاشلة اثبتت محدوديتها على جميع المستويات وبرهنت على انها غير قادرة على ادارة وطن يعيش في صلب القرن الحادي والعشرين والذي يرتكز على الرقمنة كاساس كل تطور وعلى الذكاء الاصطناعي متعدد التدخلات والاستعمالات الحيوية في البيولوجيا وعلم الجينات والبنوك والتحكم في المعطيات والهيمنة على مضامين الاعلام والاتصال والسيطرة على ما يسمى بالصناعات الابداعية في مجال الثقافة والفكر .
لا اعتقد ان الجماعة التي جاءت وهي تمني النفس بالكسب الثمين والغنيمة المرتقبة على قدرة على مواكبة روح العصر الجديد والتوائم مع طلبات هذه الاجيال الجديدة والمتحفزة والتي كانت تعتقد ان لا مكان الا للكفاءة دون الرداءة .
جاء الغنوشي ومن معه من منتحلي الصفات للهيمنة على البلاد والتغرير بشعبها باسم دين يجمع كل الاطياف مع تقديم وعود كاذبة وزائفة اثبتت الوقائع والواقع بطلانها .
اعتقد الناس انهم على دراية واسعة بادارة الشان العام فاذا بالحقيقة ماثلة بانهم على جهل مطبق وعلى عدم دراية مطلقة بكيفية التعامل السياسي .
اعتقد الشعب بان الغنوشي على فكر ثاقب وعلى دراسة عالية وعلى تمرس بالاستراتيجيات الكبرى فاذا به يتبين بانه رجل محدود الامكانيات اتت به الاقدار بان ان يكون الرقم الاول في ماساة تونس .
كلهم فشلوا وجميعهم خذلوا الناس وعليه فان تونس في حاجة الى خميرة جديدة من الكفاءات الواعدة والقادرة على نقل تونس الى وضع احسن بكثير اذا عرف كيف يتم التعامل مع هذه النخب التي وللاسف تغادر البلاد بدون اسف او رجعة بحثا عن راحة نفس واستقرار مادي مشروع .