فقدت السينما التونسية أحد رموزها وصنّاعها برحيل االمخرجة مفيدة التلاتلي التي ساهمت بشكل جليّ في إشعاع السينما التونسية على مدى أربعة عقود على الأقلّ إذ عملت الرّاحلة مونتيرة chef monteuse في عدد كبير من الأفلام التونسية بعد تخرّجها في معهد الدراسات السينمائية العليا IHDEC بباريس. فعملت مع عبد اللطيف في “سجنان” و”عزيزة” و محمود بن محمود في” عبور” ومع الطيب الوحيشي في “ظلّ الارض” و “مجنون ليلى” و مع ناصر خمير في ” الهائمون” ومع فريد بوغدير في “عصفور السّطح” وأفلام أخرى كثيرة لا تتّسع لها هذه الورقة كما تعاونت مع مخرجين من المغرب والجزائر وفلسطين مثل مرزاق علواش في” عمر قتلتو الرجولية” وميشال خلايفي في” أنشودة الحجر.”
في بداية التسعينيات بدأت تمارس الإخراج فكان فيلمها الطويل الأوّل “صمت القصور” الذي انتج سنة 1993 وعرض سنة 94 ونال التانيت الذهبي لمهرجان أيام قرطاج السينمائية وجوائز أخرى عديدة في مهرجانات دوليّة. كما انتُخِب ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما من إخراج سيّدات. ومعلوم أنّ “صمت القصور” كان بداية انطلاق الممثلة المتألقة هند صبري.
فيلمها الطويل الثاني كان “موسم الرجال” ثمّ اخرجت فيلما لقناة ARTÉ الفرنسية الألمانية بعنوان” نادية وسارْة.” كانت الراحلة تتمتّع بخصال إنسانية عديدة منها النّقاء والتواضع وطيب المعشر والدّفء الإنساني إلى جانب الكفاءة المهنية ما جعلها حاضرة في عديد المهرجانات المرموقة عضوة في لجان التحكيم.
برحيل مفيدة التلاتلي تفقد السينما التونسية إحدى رائداتها. لها الرّحمة بقدر ما أعطت للسّينما التونسية بغزارة وسخاء ولزوجها وأفراد عائلتها التعازي والصّبر الجميل.
فتحي خراط