نشهد منذ مدة طويلة خلافات هامشيّة في المجتمع التونسي حول حقائق متعلّقة بتاريخ بعض الأحداث…
كانت تونس قبل الإستقلال تحتفل الى جانب الأعياد الدينية بعيد العرش..وهو يوم جلوس الباي على كرسي المملكة حسب تقاليد التوارث منذ إقراره سنة 1861 بتنظيم طريقة التداول على سدّة الحكم ..اذ نصّ الفصل الأول انّ الخلافة تتمّ بالتوارث بين أمراء العائلة الحسينية بتقديم الأكبر سنّا ..وعند استحالة مباشرة المهام يتولّى الحكم من يليه في الترتيب العمري .
وتم احترام قاعدة التوارث على العرش في ظل الحماية الفرنسية مع وجود محاولات للتحيّل في تحديد ولادة بعض الأمراء للفوز بالمنصب بما أوجب تسجيل ولادات ووفايات
الأمراء المعنيين بالخلافة في دفتر خاصّ مودع لدى وزارة العدل ليصبح وزير العدل بمقتضى الأمر العليّ المؤرّخ في 16 افريل 1921 ضابط الحالة المدنية بالنسبة إلى كافة الأسرة المالكة..وقد سجّل بعض الملاحظين حصول مناورات خفيّة في آخر عهد محمد الأمين باي لتغيير قاعدة الخلافة بإسنادها لأكبر أبنائه الشاذلي باي وهو في رتبة بعيدة في سلّم الأمراء المبوّبين لولاية العهد…
وقد جلس محمد الأمين وهو آخر بايات العائلة الحسينية يوم 15 ماي 1943 عند خلع محمد المنصف باي وأصبحت تونس تحتفل رسميا بذلك اليوم باعتباره عيد العرش..
بعد الإستقلال( 20 مارس 1956 )اصبح العيد الوطني يوم عودة الزعيم الحبيب بورقيبة إلى تونس في غرة جوان 1955 من كل سنة تحت اسم ” عيد النصر “…ويتم الاحتفال بعيد الإستقلال في “درجة ثانية “اذ يتم الاكتفاء عادة بإقامة مظاهر الزينة و إسداء عطلة رسمية عن العمل…
وبعد إبعاد الرئيس الحبيب بورقيبة في الظروف المعلومة تم إقرار الغاء عيد النصر وتعويضه في النصوص الرسمية بعيد الإستقلال..لكن في واقع الأمر تتمّ كل الاحتفالات الرسمية والشعبية ولأيام عديدة يوم 7 نوفمبر( تاريخ إزاحة الرئيس بورقيبة من الحكم ) تحت تسميات..يوم التحوّل..يوم التغيير..الخ..
وبعد خروج زين العابدين بن علي من الحكم ..لا نعرف بصفة دقيقة وكاملة كلّ ظروفها وملابساتها..تمّ بالطبع حذف الاحتفالات بالسابع من نوفمبر وإلقاء تسمية مدة حكم بن علي” بالنوفمبرية ” او ” البنفسجية ” نسبة لللون المفضّل لديه..وقد اختلفت الآراء في تاريخ الاحتفالات بين تاريخ 17 ديسمبر تاريخ ما تعرّض له محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد و 14 جانفي تاريخ مغادرة بن علي تونس والحكم في ظروف لا نعرفها بالكامل .. وبعد سنتين تقريبا لم نعد نحتفل باي تاريخ باستثناء يوم الإستقلال كعيد وطني دون إقامة احتفالات.. بل ذهب البعض في التشكيك في استقلال تونس دون التفطن في آخر الأمر ان الاستقلال الكامل والمطلق لا يتوفر لأية دولة .. اذ تتعامل الدول في علاقاتها بحسب مصالحها وامكانياتها السياسية والاقتصادية.
هذه أوضاعنا.. ولن تتوضّح امورنا ما دمنا لم نهتدي الى إصلاحها..