الإعلان، هذه الأيام، عن ظاهرة تـجـنـيـس بعض المرتزقة الأجانب وتوطينهم بليبيا بتواطئ تركي مفضوح كان يمكن أن يصنّف في باب ” الأخبار المتفرّقة ” العادية لولا ان العملية لم تتكرّر وتتشابه، في أكثر من مرّة وأكثر من مدينة، بما يؤكّد أن وراء المسألة أبعادا أخطر
ومن يتابع تسلسل الاضطرابات التي عاشها القطر الشقيق على امتداد السنوات العشر الأخيرة لابدّ أنه قد لاحظ ان الهجمات التي استهدفت أغلب المدن الليبية ولا سيما بالمناطق الحدودية من قبل المجموعات المتصارعة كانت في أغلبها مقرونة بالاستحواذ على محلات السّجل المدني والانتهاء، في كثير من الحالات، باغتيال مسؤوليها وتغيير ما بها من وثائق الحالة المدنية ومستندات الجنسية وغيرها
وليس سرّا أن قبائل شهيرة ذات أصول عرقية مشتركة من التشاد والسودان ومصر ومالي، كانت دوما في ترحال دائم، خاصة، على الحدود الليبية الشرقية والصحراوية وظلـت في مدّ وجزر طمعا في التمكن من الجنسية الليبية لاسيما بعد ظهور طفرة البترول، فكانت أحداث 2011 وما تبعها من الفوضى الشاملة التي عمّت أنحاء البلاد فرصة لهم لتحقيق هذه الأمنية التاريخية
وغير خاف، اليوم، أن المؤامرة التي تستهدف ليبيا لا تكمن فقط في مشاريع التقسيم والسيطرة على خيراتها الباطنية والسطحية وإنما كذلك في تغيير جذري للخريطة الجغرافية والبشرية للبلد، في إطار صمت مريب من بلدان الجوار ووسط تخاذل تام من أصحاب الحق، أنفسهم