هذا رأيي بعجالة :
1- ما وقع يوم 25 جويلية هو انتفاضة شعبيّة هدفها تصحيح المسار الثوري بعد سنوات الجمر والفقر والمرض والمعانات. لقد قلتُ المرات العديدة بأنّ الثورة التونسيّة لم تكتمل وبأنّها في كنهها مسار تتحكّم فيه إرادة الشعب. هل نحن ما نزال نعيش فترة انتقال ديمقراطي ؟ نعم ولكنّنا نعيش أكثر فترة انتقال ثوري يجب أن نعطيها حقّ قدرها. فالديمقراطيّة ليست صناديق انتخابات فقط وليست تشاركيّة فقط فقد بيّنتُ أنّها أيضا نشيطة تتطلّب حراكا شعبيّا والشارع هو من معطيات النشاط الديمقراطي.
2- قرارات رئيس الدولة دستوريّة دون شكّ. لست مختصّا في القانون الدستوري. ولكن من خلال اختصاصي في الفلسفة أستطيع أن أؤكّد أنّ مقاربة قيس سعيّد تعتمد التأويل الذي يضيّق المسافة بين لغة الإفصاح في الدستور والواقع الشارعي الجديد بينما فهم عياض بن عاشور هو تفسير حرفي للدستور دون الغوص في جوهره وعلاقاته المركّبة بالظرف. (وهنا تغلّب المساعد على الأستاذ وهو أمر يقع أحيانا).
3- حركة النهضة اختارت أن تتعامل مع اللوبيات الفاسدة داخل البرلمان وخارجه وتتعاقد معها عوض أن ترتبط بطموحات الشعب ومطالبه. وكانت تظنّ أنّها بذلك ستحافظ على موقعها في الحكم مستغلّة بذلك قوّة هذه اللوبيات ولكن العكس هو الذي حدث إذ أصبحت النهضة في قبضة لوبيات الفساد ووصلت هذه اللوبيات بواسطتها إلى الحكم بل أصبحت تشرّع وتصدر القوانين لصالحها معتمدة على حركة النهضة. لذلك انتفض الشعب ضدّها وضدّ الفاسدين معها.
4- هل ستكون هذه القرارات ضامنة للنظام الديمقراطي ؟ لست أدري. فقد يؤدّي كلّ ذلك إلى العودة إلى الحكم الدكتاتوري ولكنّ الشعب يناضل باستمرار ومن يفكّر في هذه العودة سينتحر سياسيا. والمهمّ الآن هو أن تفضي استعجاليا هذه القرارات إلى تدمير لوبيات الفساد (وتحرير الأحزاب من مخالبها) ومحاربة المرض والوباء والنضال ضد الفقر. وعلى المدى المتوسّط والطويل إقامة نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي جديد يقوم على التضامن والتآزر والعيش المشترك حسب قاعدة الكرامة.