يعد التاريخ علم من علوم الحياة التي على المدرك ان يعرف اصوله وفروعه واهميته من اجل التعامل مع الواقع التعامل السليم خشية الوقوع في الاخطاء وتفادي الازمات والابتعاد عن الهنات والمصائب .
و قد علم التاريخ الانسان بضرورة التعمق في احوال المجتمعات ومساراتها والاستفادة من التجارب السابقة التي بها تبنى الاستراتيجيات وتقام عليها الحضارات .
وقد اشار الى هذه المسالة العلامة عبد الرحمان بن خلدون عندما قال ان للتاريخ وجهين ، ظاهر وباطن ،وظاهر التاريخ يخبر عن الايام والدول والسوابق من القرون الاولى وتنمو فيها الاقوال والامثال المضروبة .
اما باطنه فالنظر والتدقيق وتحليل الكائنات والعلم بكيفية الوقائع واسباب حدوثها ، وبذلك يكون التاريخ عريقا وعميقا وجديرا بان يكون علما يوقفنا على اخبار الامم الماضية واخلاقها ، فموضوع التاريخ في نظر بن خلدون يدور حول الانسان واعماله وما تركه من نتائج ومكتسبات للاستفادة منها في الوطن من قبل ابناء الوطن .
يجرنا هذا الحديث للتطرق الى حكام تونس اليوم الذين اتوا الى البلاد فعاثوا فيها سوءا وفسادا وعبثا بمقدرات ومصير الناس ومستقبل الاجيال الذي اصبح مجهولا بعد الانتكاسات المتتالية والفشل في ادارة الشان العام واستغلال المركز لتحقيق الفوائد للشخص الواحد مقابل المجموعة والتشريع للسرقات والتهريب واسناد الارهابيين باسم الدين الذي هو منهم براء .
الحاكم المشؤوم والتعيس :
يذكر التاريخ وتحديدا تاريخ الاندلس ان ابو عبدالله محمد الثاني حكم مملكة غرناطة في الاندلس لفترتين بين عامي 1482-1483وهو اخر ملوك الاندلس ، وسماه اهل غرناطة بالمشؤوم والتعيس لانه لم يحافظ على ملك اؤتمن عليه ولم يرع بلدا حكمه ولم يسع الى بناء وطن قوي ومتين بل انبرى في حياكة المؤمرات وخلق المشاكل واهدار المال والتفرغ الى اشباع ما لديه من غرائز بالانكباب على الملذات .
هذا الحاكم التعيس عنوان الفشل والالم قرب حاشيته واصهاره ومكنهم من كل الامتيازات والثروات على حساب ابناء الشعب الذين وثقوا به وراؤا فيه الخير الا انه تبين انه شر مستطير .
في اخر لحظات انهيار حكمه قالت له امه ” عائشة الحرة “.
ابك كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال .
حكام تونس يبكون على ملك ضاع :
من يراقب المشهد السياسي في تونس يلاحظ لدى من حكم تونس ومنذ 2011 الم الازاحة عن السلطة بعد نعيم الحكم الذي لم يدم طويلا 2011-2021،بعد التفطن الى وجود عصابة افساد لا الى حكام بناء وتعمير واهمين بان هذه البلاد هي صحراء قاحلة ليس فيها رجال وبلاد كفر يسهل فيها العبث والقيام بما يراد من تجاوزات وانتهاكات مست جوهر الاشياء .
عبث الجماعة بالبلاد وانبروا الان في البحث عن المنجد والمنقذ من خلال الاستقواء بالاجنبي من اجل تصفية حسابات سياسية او شخصية وليس من اجل مصلحة الوطن .
راشد الغنوشي وهو في هذا التقدم من العمر وارذله ما زال يطمح الى العودة الى الحكم من خلال الاستجداء والاستقواء بالقوى الخارجية التي يرى فيها منقذه ومعيده الى المشهد السياسي .
وصفه يوم امس عماد الحمامي بالدكتاتور الذي لا يهمه شان البلاد بل ان المهم بالنسبة اليه تحقيق اوهامه واحلامه ولو على حساب هذا الشعب .
استقوى بجهات خارجية على غرار تركيا وقطر وتعامل مع قوى اخرى اساءت للبلاد الا انه مع ذلك ما زال مصرا على البقاء في السلطة وحكم البلاد .
كان الامر الناهي في اتصال يكاد يكون على مدار اليوم وهو يعطي التعليمات الى من بيده القرار من وزراء وولاة من اجل تنفيذها لفائدة حركته ومن فيها .
الغنوشي وهو في هذا الفشل المريع في الحكم والرفض الشعبي اليه ما زال يتوهم بانه قادر على القيام بادوار اخرى في البلاد الى جانب الحسم في انتهاء مهمته من قبل القوى الفاعلة اقليميا ودوليا .
العالم تغير ولا بد من الاستفادة مما هو حاصل :
تغير العالم وحكام تونس لم يتغيروا …تغير العالم نحو العلم واتجه من كانت بيده السلطة الى الجهل والخرافات والاستفادة مما هو موجود في البلاد من امكانيات دون اعارة اي اهتمام الى كفاءات تونس الباحثة عن العمل والرفاه وتحقيق الاستقرار لبناء دولة قوية ومنيعة .
ان عجلة التاريخ لن تعود الى الوراء ولا بد من اجل بناء وطن مستقل ذات سيادة الانتهاء من هذه الوجوه التي فشلت ومع هذا فهي ما زالت على وهم وهم مواصلة الحكم .