كان الناس يتظاهرون في شارع الزعيم بورقيبة منذ أشهر قليلة، وكان رئيس الحكومة السابق والغير مأسوف على رحيله، قد أعطى أوامره بصفته وزيرا للداخلية ان يتم استقبالهم بالورود والترحاب في كل المداخل المؤدية لشارع بورقيبة. كانو يرشون المتظاهرين بماء الزهر ويوزعون الورود والابتسامات يمينا وشمالا! حتى الاسلاك الشائكة والاستعراضات الامنية كانت لحماية المحتجين. في البرلمان كانت الفرحة واضحة على الوجوه، وموقفهم واضح من شرذمة قليلة خارجة على القانون ولا تحترم نتائج الانتخابات وتعمل على تعطيل الدولة ويتم تمويلها من دول أجنبية، وفي النهاية ليسوا سوى جماعة صفر فاصل أو عملاء للخارج او تطالب الدولة بأشياء حسم القضاء، واي قضاء، موقفه منها!
الحمد لله، وقد من الله علينا بانقلاب، أول ما نادى به الزعيم الانقلابي عدم المساس بالحريات وحقوق المواطنين. مع هذا، تم التعرض للزعيم الانقلابي بالسب والشتم بأقسى العبارات اللأخلاقية ونادى البعض بالعصيان المدني وكانت الاحتجاجات تحت رقابة الأمن ومتابعته دون حصول أي اعتداءات او تجاوزات تذكر، وبالمناسبة تحية شكر لكل الأمنيين الذين يعملون بانضباط وفي كنف القانون.
يجب ان لا ننسى الناس الذين هرعوا بحثا عن شرعية في السفارات الأجنبية والإعلام الدولي المأجور. وصل الحد بالبعض إلى طلب عدم دعم أهله بالتلاقيح لمجابهة وباء الكورونا، وعدم المشاركة في اي حدث دولي في تونس احتجاجا على الدكتاتورية! نعم، يحدث هذا في تونس وخارجها والتونسيون يتابعون بحكمة العقلاء وصمت فيه احتقار كبير للعملاء.
هذا باختصار صورة تونس قبل الانقلاب وبعده بناء على ما حدث يوم امس. لا أريد إفساد الاسبوع الجديد بالتذكير عن حال تونس قبل الانقلاب! احدثكم عن رغد العيش … نسبة نمو لا تقل عن 8% ، الحريات حدث ولا حرج، قرابة العامين ينتقل الناس بترخيص لزيارة اهاليهم، باستثناء من له حجز في فندق! هذه اخر بدعة وفضيحة في التاريخ المعاصر. وصل بالحكومة الحد الى منع البحر … نعم، حصل هذا … يمكن الكورونا تحب البحر!
الوضع الدستوري الذي كنا ننعم به، والأحزاب التي تتشدق وتطالب بضرورة احترام الدستور أبعد ما يكون عن كل الدساتير. لا تعيش سوى في الفوضى وخارج القانون. عجز لمدة عشرة سنوات عن تركيز المحكمة الدستورية وهي من أهم ركائز البناء الديمقراطي. كل الهيئات تقريبا هيئات مؤقتة حتى يتم الضغط عليها والتلاعب بها كما يحلو لهم. الفساد عم كل القطاعات وأخطر فساد السلطة القضائية.
اذا لم يكفي ما ذكرت … موعدنا في حلقات قادمة!
عاشت الدكتاتورية … عاش الانقلاب … وثمانين بوسة من عندي !